قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس إنه سيعلن عن قراره للرد على الهجوم الكيماوي بسوريا خلال 24 إلى 48 ساعة، مؤكداً أنه ليس لديه شك في إقدام النظام السوري على شن هذا الهجوم الذي وصفه بـ«المشين والمروع والبربري». وشدد أنه سواء قام بشار الأسد بالهجمة أو روسيا أو إيران أو الثلاثة مجتمعين {سنكتشف ذلك، وسيدفع (المسؤول) ثمناً باهظاً}.
وقال الرئيس ترمب قبل اجتماعه بأعضاء الإدارة الأميركية بغرفة مجلس الوزراء بالبيت الأبيض صباح أمس الاثنين، إن «الهجوم الكيماوي على دوما كان فظيعا ومريعا»، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالإنسانية ولا يمكن السماح بحدوثه وعلينا الرد على هذا الحادث البربري. وأضاف: «سنقوم باتخاذ القرار بسرعة كبيرة، ربما بنهاية اليوم. لا يمكننا السماح بحدوث مثل هذه الفظائع».
وردا على سؤال حول الخيار العسكري، قال ترمب إن {كل الخيارات على المائدة}. وحين سُئل عن المسؤول عن الهجوم، قال: «إنهم (النظام السوري) يقولون إنهم ليسوا المسؤولين وبالنسبة لي ليس هناك شك كبير لكن القادة العسكريين سيكتشفون ذلك».
وعما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحمل أي مسؤولية عن الهجوم في سوريا، قال ترمب: «احتمال، وإذا فعل ذلك فسيكون الأمر صعبا للغاية وسيدفع الجميع ثمناً».
وعقد ترمب اجتماعا آخر مع القادة العسكريين بالبيت الأبيض مساء أمس. وأشارت مصادر مسؤولة بالبيت الأبيض إلى أن الرئيس يدرس خيارات عدة للرد على الهجوم الكيماوي السوري ويتشاور مع عدد من الحلفاء والدول حول إجراء تحقيقات لتحديد الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيماوية في دوما ومقتل العشرات مساء السبت الماضي.
وأمضى جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي يومه الأول، أمس، في منصبه الجديد في اجتماعات ومشاورات مكثفة للإشراف على وضع خيارات ونقاط نقاش أمام الرئيس ترمب للتعامل مع سوريا والهجوم الكيماوي. وقد سبق لبولتون الدفاع بقوة عن توجيه ضربات جوية كبيرة ضد سوريا، وشارك في الاجتماع بين ترمب وأعضاء إدارته.
من جانبه، صرح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس صباح أمس بأنه لا يستبعد أي خيار للرد على استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وقال: «أنا لن أستبعد أي شيء في الوقت الحالي». وأضاف خلال استقباله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في البنتاغون: «أول شيء يتعين علينا النظر فيه هو لماذا لا يزال هناك استخدام للأسلحة الكيماوية في الوقت الذي تضطلع روسيا بالقيام بدور الجهة الضامنة لإزالة جميع الأسلحة الكيماوية من سوريا». وأضاف: «نعمل مع الحلفاء والشركاء... للتعامل مع هذا الأمر».
وكان قد توعد ترمب، في تغريدة أول من أمس، المسؤولين عن هجوم دوما بـ «ثمن باهظ» ووصف بشار الأسد، رئيس النظام السوري، بـ «الحيوان». 
وفي سلسلة من التغريدات الأحد انتقد الرئيس الأميركي دعم كل من إيران وروسيا لنظام الأسد، وخص بالذكر في سابقة من نوعها الرئيس الروسي بوتين ملقيا عليه اللوم في دعم نظام بشار. وقال ترمب «الكثير من القتلى بمن فيهم النساء والأطفال قتلوا في هجوم كيميائي طائش في سوريا، إن الرئيس بوتين وروسيا وإيران مسؤولون عن دعم الأسد الحيوان».
كما حمل ترمب المسؤولية للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وقال: «لو كان الرئيس أوباما نفذ الخط الأحمر الذي رسمه على الرمال لكانت الكارثة السورية قد انتهت منذ فترة طويلة، ولكان الأسد الحيوان مجرد تاريخ».
واقترح ترمب عبر موقع «تويتر» فتح مناطق للإغاثة الطبية والفحص وقال: «إنها كارثة إنسانية أخرى دون أي سبب».
ونقلت وسائل الإعلام الأميركية مقاطع فيديو تظهر الأطباء وهم يحاولون إنقاذ أطفال ونساء يعانون من تأثير التعرض للهجوم الكيماوي. وتشير بعض التقارير إلى أنه يبدو مزيجا من غاز الكلور وغاز الأعصاب.
وفي الكونغرس، الذي عاد للعمل أمس بعد إجازة استمرت أسبوعين، شجع الكثير من المشرعين إدارة الرئيس ترمب لاتخاذ رد عسكري قوي ضد النظام السوري بعد هذا الهجوم الكيماوي. وقال ماك ثورنبيري، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب إنه يتعين على الولايات المتحدة النظر بعين الاعتبار بشكل حاسم في توجيه جولة جديدة من الضربات الجوية ضد سوريا لمعاقبة الرئيس بشار الأسد على الهجوم بالغاز الكيماوي. 
وشجع النائب الجمهوري عن ولاية تكساس إدارة ترمب بالتعاون مع الدول الأخرى والحلفاء الأوروبيين في توجيه تلك الضربات ضد نظام الأسد، وقال: «من المهم جدا لحلفاء مثل بريطانيا وفرنسا الوقوف معنا». وانتقد ثورنبيري سياسات الرئيس السابق باراك أوباما وأكد أنه كان من الخطأ رسم خط أحمر وعدم القيام بأي شيء مما أرسل رسالة للأسد وبوتين أنه بإمكانهما «القيام بأي شيء دون أن يكون هناك رد». وشدد ثورنبيري: «نعم يجب التفكير في استخدام القوة العسكرية لكن يجب القيام بها مع الحلفاء لتبدو كرد دولي على هذه الهجمة الكيماوية».
وشجع ثورنبيري أن تقوم إدارة ترمب بتكرار الضربة العسكرية الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي حينما أمر ترمب بإطلاق أكثر من 60 صاروخ توما هوك من حاملة طائرات أميركية بالبحر المتوسط ضد أهداف داخل سوريا لتدمير قاعدة جوية تسيطر عليها الحكومة السورية، والتي كانت وفقا للتقارير مكان انطلاق الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون في شمال غربي سوريا، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص.
وانتقد السيناتور الجمهوري جون ماكين تصريحات ترمب بإمكانية خروج سريع للقوات الأميركية من سوريا، مشيرا إلى أن تلك التصريحات شجعت بشار الأسد للقيام بالهجوم بالأسلحة الكيماوية. وقال ماكين: «الرئيس ترمب قال للعالم الأسبوع الماضي بأن الجيش الأميركي سيغادر سوريا قريبا. وسمعه بشار الأسد ومؤيدوه الروس والإيرانيون وشجعهم التقاعس الأميركي. وأطلق الأسد هجوما كيميائيا آخر ضد الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وهذه المرة في دوما».
وشجع السيناتور ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، فكرة شن ضربة صاروخية أميركية ضد سوريا مثلما حدث العام الماضي.وقال «يجب على الرئيس أن يفعل ذلك مرة أخرى، وأن يثبت أن الأسد سيدفع ثمن جرائم الحرب التي يرتكبها». وفي إشارة إلى الخط الأحمر الذي رسمه الرئيس أوباما ولم ينفذه، قال ماكين «لقد ورث الرئيس ترمب خيارات سيئة بعد سنوات من التقاعس من قبل سلفه».
من جانبه، قال السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام بأن المجتمع الدولي يجب أن ينظر إلى الرئيس السوري بشار الأسد الآن على أنه «مجرم حرب»، مشيرا إلى أن توجيه ضربات عسكرية أميركية هي ضربات مشروعهة. وقال لشبكة «فوكس نيوز»: «يجب اعتبار الأسد ودائرته الداخلية مجرمي حرب، وهدف عسكري مشروع. وإذا كان لدينا الفرصة لإسقاطه فعلينا القيام بذلك».
وأضاف: «العالم يراقب الرئيس إيران تراقب وروسيا تراقب وكوريا الشمالية تراقب، ولدى الرئيس ترمب الفرصة للقيام بعكس ما قام به أوباما وإرسال إشارة قوية أن هناك رجلا جديدا في المدينة». وطالما طالب غراهام باتخاذ خطوات عسكرية حاسمة ضد الأسد وبإنشاء مناطق آمنة داخل سوريا.